الجمعة، 2 يناير 2015

قال تعالى: { وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ }


قال ابن كثير: 


أي قد لبثت في قومك -يا محمد - ومن قبل أن تأتي بهذا القرآن عُمرا لا تقرأ كتابا ولا تحسن الكتابة، بل كل أحد من قومك وغيرهم يعرف أنك رجل أمي لا تقرأ ولا تكتب. 

وهكذا صفته في الكتب المتقدمة، كما قال تعالى: { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ } الآية [الأعراف: 157]. 

وهكذا كان، صلوات الله وسلامه عليه [دائما أبدا] إلى يوم القيامة، لا يحسن الكتابة ولا يخط سطرا ولا حرفا بيده، بل كان له كتاب يكتبون بين يديه الوحي والرسائل إلى الأقاليم.



ومن زعم من متأخري الفقهاء، كالقاضي أبي الوليد الباجي ومن تابعه أنه عليه السلام كتب يوم الحديبية: "هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله" فإنما حمله على ذلك رواية في صحيح البخاري: "ثم أخذ فكتب" 
وهذه محمولة على الرواية الأخرى: "ثم أمر فكتب".


ولهذا اشتد النكير بين فقهاء المغرب والمشرق على من قال بقول الباجي، وتبرؤوا منه، وأنشدوا في ذلك أقوالا وخطبوا به في محافلهم، 

وإنما أراد الرجل -أعني الباجي، فيما يظهر عنه -أنه كتب ذلك على وجه المعجزة، لا أنه كان يحسن الكتابة، كما قال، عليه الصلاة والسلام إخبارا عن الدجال: "مكتوب بين عينيه كافر" وفي رواية: "ك ف ر، يقرؤها كل مؤمن"، 

وما أورده بعضهم من الحديث أنه لم يمت عليه السلام حتى تعلم الكتابة، فضعيف لا أصل له.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق